محامي جنائي

تسجيل المكالمات الهاتفية وإفشاء الأسرار أمام القانون

تسجيل المكالمات الهاتفية وإفشاء الأسرار أمام القانون المصرى.. سرية المحادثات هى الأصل.. الحبس سنة لكل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين.. وتسجيل المكالمات الهاتفية بدون إذن قضائى يجوز فى هذه الحالة

من نتائج التطور الإلكتروني الذي أصاب العالم خلال القرن الماضي وظهور ثورة الإتصالات الهائلة فيه أن اضحت الأحاديث الشخصية عامة والهاتفية خاصة عرضة للإلتقاط والتسجيل والإفشاء، ولعل أبرزها ظهور اجهزة الإتصال الهاتفي النقالة التي تعتمد النظام اللاسلكي في الاتصال.

تلك الهواتف النقالة لا يكاد شخص الآن يفتقر إليها وما رافقها من تقدم تقني في تسجيل المكالمات الصادرة منه والواردة اليه، فقد أصبحت تلك المكالمات الهاتفية بواسطة تلك الأجهزة الصغيرة والدقيقة عرضة للتسجيل وبطرق مختلفة وبالتالي عرضة للافشاء، وعليه فقد أصبح من اليسير أن نجد العديد من المكالمات الشخصية التي نجريها أو تلك التي قد اجريناها بتلك الأجهزة النقالة قد تم تسجيلها وحفظ تفاصيلها الصوتية الدقيقة وبالتالي قد تقدم كدليل في الاتهام.

ويقصد بالتسجيل الصوتي تسجيل الأصوات باستعمال أجهزة التسجيل المستخدمة في تسجيل الصوت على شرائط تحفظ يمكن سماعها فيما بعد في أي وقت، فهل يعد التسجيل الصوتي دليلاً ضد من قُدم ضده ويُحكم عليه بموجبه؟، بمعنى أنه إذا تم تقديم تسجيل على شخص يعترف فيه بأنه قد سرق أو قتل أو فعل كذا أو كذا مجرم هل يقام عليه العقاب بناء على هذا التسجيل؟ بطبيعة الحال هذا مع افتراض إنكار المتهم وإلا لما طُرح هذا التساؤل – بحسب «البوادى».

وتعد عملية تسجيل المكالمات الهاتفية دون إذن أصحابها جريمة تندرج تحت جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وكان القانون المصري قد حدد عقوبة من يقوم بعملية التسجيل بالحبس لمدّة لا تزيد على سنة.

وكانت المادة 309 مكرر م قانون العقوبات قد نصت على أنّه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون”.

التنصت اعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة

ويعد التنصت اعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد، حيث نصت المادة 57 من دستور عام 2014 أنّ تسجيل المكالمات يدخل في نطاقة المراسلات البريدية والإلكترونية والبرقية، ويشمل أيضاً المحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصالات المختلفة.

القاضي فقط من يحق له إصدار الأوامر بتسجيل المكالمات

إلاّ أنّه يستثنى من عقوبة التنصت على المكالمات هو ما جرى تسجيله أو نقله أو تصويره في مكان عام لافتراض الرضا وعلانية ما تم نقله أو تسجيله أو تصويره، كما أنّه لا تعد جريمة إذا كانت تلك الأسرار متعلقة بالمهنة أو الوظيفة وذلك لكونها ملك للعامة ويشترط في ذلك عدم مساسها بالحياة الشخصية، ويحق للقاضي فقط إعطاء أوامر بتسجيل المكالمات وذلك وفقاً لما ورد في نصوص المواد 95 و95 مكررا و206 من قانون الإجراءات الجنائية.

في حال التهديد يعاقب الفاعل بالسجن 5 سنوات

إذا جرى تسجيل إحدى المكالمات وتعرّض صاحبها للتهديد بإفشاء أسراره التي جرى الحصول عليها م المكالمة ففي هذه الحالة يعاقب الفاعل بالحبس مدّة قد تصل إلى 5 سنوات، أما إذا كان الفاعل صحفياً فإن العقوبة يتم الحكم عليه بالعقوبة الأشد ويضاف إليها المادة 21 من قانون الصحافة.

ويثور الخلاف بين رجال القانون حول شرعية استعمال التسجيل الصوتي وما يزال الخلاف دائراً لحداثة هذه الوسيلة.

ففي مصر مثلاً: نجد أن شراح القانون اختلفوا بشأن حجية التسجيلات الصوتية وذهبوا إلى ما يقارب خمسة آراء فمنهم من يؤيد الأخذ بهذه الوسيلة في الإثبات بصفة مطلقة ومنهم من يعارض الأخذ بها، ومنهم من يحيط هذا الدليل بشروط تسويه بالدليل المستمد من الاستماع خلسة إلى المحادثات الهاتفية الذي له شروط هو الآخر، ومنهم من يجيز التسجيلات الصوتية إذا كان التسجيل مقدماً للتدليل على براءة المتهم ولو كان الحصول عليه بطريق غير مشروع – هكذا يقول «البوادى».

إلا أن ذلك الخلاف الفقهي حسم بنص المادة «95 أ.ج» بعد تعديلها الأخير بالقانون «37» لسنة «1972» إذ نص المشرع صراحة على جواز إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة وقد ربط النص ذلك بشروط معينة هي:

أن يكون هذا الحديث له فائدة في ظهور الحقيقة، وأن يكون في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وأن يكون بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة، على أن يتم ذلك بناء على أمر قاضي التحقيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى