
هل تظاهر رجل الضبط القضائي للمتهم بشراء مخدر أو نقد اجنبي وضبطه عند تقديمه له اجراء مشروع؟
هل تظاهر رجل الضبط القضائي للمتهم بشراء مخدر أو نقد اجنبي وضبطه عند تقديمه له اجراء مشروع؟ =====================================
(١)يحدث عملا أن يعلم رجل الضبط القضائي من خلال مصادرة السرية أو أحد المرشدين أن المتهم يتجر بالمخدر أو يتعامل بالنقد الاجنبي خارج السوق المصرفية او يبيع سلعة بازيد من ثمنها المحدد قانونافينتقل رفقه المرشد أو المصدر السري الي حيث تواجد المتهم متنكرا في هيئه عميل أو راغب شراء أو يبعث المرشد للمتهم بعد أن يعطي له نقود ويظل يراقب عن كثب مصطنعا محاولة شرائية مع المتهم حتي أن اخرج المتهم المخدر أو النقد أو السلعه بعد أخذ الثمن انقض رجل الضبط القضائي عليه بانتزاعهم منهم بدعوي ضبط جريمة متلبس بها.ويثور التساؤول عندئذ عن مشروعية التلبس الذي تكشف أو بالاحري مدي مشروعية الإجراءات التي اتخذها رجل الضبط القضائي وتكشف عنها التلبس ومن ثم صحه اجراءات القبض والضبط والتفتيش.
( ٢)في الفقه خلاف حول مشروعية التلبس المنكشف من جراء سلوك مأمور الضبط القضائي المار ذكره. فذهب راي إلي عدم المشروعية إذ لا يجوز للدولة أن تطالب بحق كالحق في العقاب متي كان هذا الحق مبنيا علي سلوك شائن من رجالها كما أن مهمة رجال الشرطة منع الجرائم لا التحريض عليها لاصطياد الناس كالفرشات(د.رمسيس بهنام-النظرية العامة للقانون الجنائي-١٩٩٥ص٦٥٤)وذهب راي آخر الي مشروعية سلوك مأمور الضبط القضائي لأن التخفي وانتحال الصفات من صميم عمله المتمثل في البحث عن الجرائم ومرتكبيها أما ما يجمل وما لايجمل أن يسلكه رجل الضبط من سلوك أو أن ما اتخذه سلوك شائن فغير قادح لأن الاجرام أشد اثما وقبحا (د.عوض محمد عامر-قانون الإجراءات الجنائية-الجزء الأول ١٩٩٠-ص٣٧٦)ومن الفقهاء من يتوسط إذ يذهب إلي التفرقة بين نوعين من الجرائم النوع الأول؛الجرائم تتحقق بمجرد حيازة شيئ محظور كالمخدر والنوع الثاني؛ الجرائم التي لا تقع بمجرد الحيازة وانما بسلوك البيع أو التعامل كبيع سلعه بازيد من ثمنها أو التعامل بالنقد مع اضفاء المشروعية علي سلوك مأمور الضبط القضائي في النوع الأول من الجرائم دون الثاني (د.حسن صادق المرصفاوي-اصول الاجراءات الجنائية-٢٠٠٠-ص٣١٢) (٣)أما محكمة النقض فقضائها مستقر علي مشروعية التلبس وصحه الاجراءات بسند أن كل إجراء يقوم به مأمور الضبط القضائي في سبيل الكشف عن الجرائم ومرتكبيها يعتبر صحيحامنتجا لأثره مادام أن رجل الضبط القضائي لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض عليها وبقيت إرادة الجاني حره ولا تثريب على مأموري الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة(الطعن رقم ١٩٠٢لسنة ٦٢قضائية جلسة ١٩٩٤/١/٢)وقضت تطبيقها لذلك بأن لما كان من مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها، وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها، وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة، ولا تثريب على مأموري الضبط في أن يصطنع في تلك الحدود من الوسائل البارعة ما يسلس لمقصوده في الكشف عن الجريمة ولا يتصادم مع أخلاق الجماعة، ولما كان ما سطره الحكم المطعون فيه ليس فيه اي دور لرجل الضبط القضائي ما يجعل فعله إجراء مشروعاً يصح أخذ المتهم بنتيجته متى اطمأنت المحكمة إلى حصوله، لأن تظاهر مأمور الضبط برغبته في شراء نقد أجنبي من المطعون ضده ليس فيه خلق للجريمة أو تحريض عليها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أبطل الدليل المستمد مما كشف عنه المطعون ضده طواعية من تعامله في النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً يكون على غير سند من الواقع أو أساس من القانون مما يعيبه(الطعن رقم ٣٦٧٩لسنة ٥٦ قضائية جلسة ١٩٨٦/١١/٢) وقضت ايضا بان مسايرة مأمور الضبط القضائي للجاني بقصد ضبط الجريمة لا يعد اختلاقاً لها وغير مخالف للقانون وذلك في واقعه كانت تحريات ضابط مكافحة المخدرات قد دلت على أن المتهم والذي يعمل صيدلي ويمتلك إحدى الصيدليات بمدينة …. يقوم بالاتجار في العقاقير الطبية المخدرة وقام بالاستعانة باحد المرشدين لإجراء محاولة شرائية نجم عنها بيع المتهم له شريط لعقار الترامادول المدرج بالجدول الأول دون تذكرة طبية ، وعلى إثر ذلك قام بالدخول إلى الصيدلية وفتيشها بمعرفة مفتش صيدليات بمديرية الشئون الصحية …. فعثر بداخلها على كمية من العقاقير الطبية مجهولة المصدر وغير مجازة من وزارة الصحة وأخرى مدرجة بالجدول الأول من قانون المخدرات وذلك بقصد الاتجار ، مما يدل على توافر حالة التلبس بجريمة حيازة عقار الترامادول المخدر بقصد الاتجار وتكون الاجراءات التي اتخذها رجل الضبط القضائي لأن المتهم قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حالة من حالات التلبس ببيعه عقار الترامادول المخدر للمرشد دون تذكرة طبية بالمخالفة لنص المواد ١٤ ، ١٩ ، ٢٤ من قانون المخدرات رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠(الطعن رقم ١٤٠٢٧ لسنة ٨٣ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٤/١٠/١٤)وقضت أيضا بصحه الاجراءات والتلبس المنكشف في واقعه علم فيها رجل الضبط القضائي من أحد مصادره أن المتهم يتاجر في المواد المخدرة ولما اكدت تحرياته صحه المعلومات توجه الضابط من المصدر واقرضه نقود لاتمام محاوله شرائية للمخدر وبعثه للمتهم وظل يراقب عن كثب وحين اعطاء المصدر النقود للمتهم وقيام الاخير بإخراج كيس سلوفانيه بها اوراق صغيره ملفوفه وقبل تسليمه احداها للمصدر اسرع الضابط الي ضبط المتهم وانتزع الكيس منه والذي تبين أن بداخله العديد من قطع المخدرات الملفوفة وحين دفع المتهم ببطلان القبض والتفتيش لأن الجريمة تحريضية التفت محكمة الجنايات عنه وعند الطعن بالنقض رأت محكمة النقض انه دفع ظاهر الفساد لا تثريب علي محكمة الجنايات أن التفت عنه ايرادا وردا (الطعن رقم ١١٥١٦ لسنة ٦٢ قضائيةالدوائر الجنائية جلسة ١٩٩٤/٠٥/١٠) وايضا سوغت الاجراءات والتلبس في واقعه كان رجل الضبط القضائي قد كلف مرشد سري بالتواصل مع أحد تجار المخدرات للايقاع به من خلال ضبطه متلبسا ببيع المخدر ورسم له خطه بالتواصل مع المتهم مع ابلاغة باتفاقه معه علي موعد تسليم المخدر فابلغه بأن المتهم قد احضر المخدر وحدد له موعداً ومكاناً لمقابلته فاتجه الضابط لضبط المتهم في المكان والزمان اللذين أبلغه بهما مرشده السرى وحال تسليم المتهم المخدر قام بضبطه(الطعن رقم ١٠٣٧٤ لسنة ٦٢ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ١٩٩٤/٠٤/٢١)كما سوغت أيضا محكمة النقض الإجراءات وانتهت الي مشروعيتها وصحه التلبس المنكشف عنها في واقعة كان رجل الضبط القضائي قد تنكر في صوره طالب شراء عمله وانتقل حيث تواجد المتهميين وتقابل معهما بغيه الشراء والسؤال عن السعر فسأله الأول عما إذا كان يرغب في شراء عمله من عدمه ، فوافقه ، ثم أتى المتهم الثانى قام بعرضه على الضابط لقاء سعر إتفق عليه ،فقام بضبطهما و الجريمة متلبس بها(الطعن رقم ١٠٦٣٧ لسنة ٥٩ قضائيةالدوائر الجنائيةجلسة ١٩٩١/٠٥/٢٢)ويؤيد معظم الفقهاء قضاء النقض بلا تحفظ بل يورده مورد التطبيق السليم للقانون(د.محمود نجيب حسني-شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٨-ص٣٤٢؛د.محمود مصطفي-شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٩-٢٣٢؛د.محمد زكي أبو عامر-الاجراءات الجنائية-٢٠١٤-ص١٨٥؛د.فوزية عبد الستار-شرح قانون الإجراءات الجنائية-٢٠١٠-٤١٣؛د.عبد الرؤوف مهدي-شرح القواعد العامة في الإجراءات الجنائية-٢٠١٨-ص٥٣٥؛د.عبد الرحيم صدقي-الوجيز في قانون الإجراءات الجنائية-الجزء الأول-١٩٨٦-ص١٣٢).
اقرأ ايضا – مكتب محاماه بالاردن

(٤)وهذا القضاء محل نظر إذ دار حول المشكلة بدلا من مواجتها فالمشكلة ليست في مساهمة رجل الضبط القضائي في الجريمة خلقا وتحريضا كما خال للنقض وإنما في مشروعية سلوك رجل الضبط القضائي في كشفها مع التسليم بوقوعها. بل أن مذهب النقض لا يخلوا من تناقض وتكلف. فمحكمة النقض تشترط لصح تدخل رجل الضبط القضائي لكشف الجريمة ومن ثم مشروعية التلبس الا يتضمن مسلكه تحريضا عليها وأن تظل ارادة المتهم حرة. وهذا يقتض ان تكون الجريمة قد وقعت فعلا واقتصر دور رجل الضبط القضائي علي اماطه اللثام عنها بالتحايل لضبط الجناه بادلتها بمعني ان يكون دور رجل الضبط لاحقا للجريمة بكشفها لأ معاصرا ومصاحبا لارتكابها ودون أدني تأثير علي ارادة المتهم وفي الاحكام محل التعليق كان نشاط رجل الضبط القضائي معاصرا لبيع النقد والمخدر بحيث لولا سلوكه لما حدث تعامل في النقد أو اتجار في المخدر.ولا تختلف الصورة كثيرا في بيع المخدر اذ علي الرغم من تجريم مجرد حيازة المخدر إلا أنه لولا تدخل رجل الضبط القضائي بتزين بيع المخدر للمتهم والايعاز له لما تكشفت تلك الحيازة والاحراز والمشكل كما ذكرنا ليس في وقوع الجريمة وإنما في مشروعية كشفها. كما أن هناك تأثير علي ارادة المتهم في الاحكام محل التعليق فهي ليس حره مائة في المائة كما خال للنقض بل معيبة معنويا بالتأثير عليها وتوجهها الي الاجرام بغرض ضبط صاحبها متلبسا.وبالتالي لا يعد سائغ أن تقرر محكمة النقض أن سلوك رجل الضبط القضائي لا غبار عليه لأن ارادته المتهم حره!! والخلاصه أن ماذهبت اليه محكمة النقض من تصويب الإجراءات لا يتلاءم مع المبداء التي لاتفتاء ان تردده وهو “ما لم يتدخل رجل الضبط القضائي بالتحريض على ارتكاب الجريمة وطالما بقيت ارادة المتهم حره”