محامي قضايا عماليه

الأجازة العارضة وحق الجهة فى قبولها أو رفضها

الأجازة العارضة وحق الجهة فى قبولها أو رفضها

الأجازة العارضة وحق الجهة فى قبولها أو رفضها

النص القانونى :
تنص المادة ٤٨ من قانون الخدمة المدنية رقم ٨١ لسنة ٢٠١٦ على :” للموظف أن ينقطع عن العمل لسبب عارض لمدة لا تتجاوز سبعة أيام خلال السنة وبحد أقصي يومان في المرة الواحدة ” ..
الشرح والمبادئ المستقرة :
قد يتغيب العامل عن عمله لظرف مفاجئ لم يكن متوقعا ويتعذر معه اتخاذ الإجراءات المحددة بالقانون للحصول على أى نوع من الأجازات الأخرى التى التى يجب اتخاذها قبل القيام بها أو قد يتعذر معه إبلاغ جهة العمل للحصول على إذن بالغياب – وهذا هو السبب الطارئ أو العارض – فإذا كان الإستئذان ممكنا وذلك بسبب معرفة الموظف للسبب الذى يقتضى تغيبه فلا يستحق الأجازة الطارئة لعدم توافر شرطها الأول والأساسى .. ومن شروطها أيضا أنه يجب على الموظف بمجرد عودته للعمل -أى فى اليوم التالى للتغيب – أن يخطر بها جهة عمله مقدما لرئيسه فى العمل بيانا بالأسباب التى إقتضت غيابه ، ولا يكلف الموظف بسرد تفاصيل سبب غيابه لدرجة إفشائه أسراره الشخصية والأسرية ، وإنما يكتفى بأن يذكر أن وراء غيابه عن العمل ظروف عائلية أو شخصية .. ولذلك لايشترط أن تكون هذه الأسباب أو الظروف مكتوبة دفعا للحرج إذا كانت هذه الظروف خاصة جدا .. وتخضع هذه الأسباب لتقدير الرئيس المباشر ومدى اقتناعه بما يبدى من أسباب ..
ويرى الدكتور ماجد الحلو – وبحق -أنه لاضرر من تخفيف حدة الرقابة الرئاسية على إستعمال الأجازة العارضة وخصوصا أن مدتها قصيرة جدا وذلك حفاظا على الحقوق الفردية التى هى أولى بالرعاية بدلا من الخوض فى أسرار الناس بحثا عن مسائل يصعب فى الغالب إثباتها إثباتا أكيدا .(د. ماجد الحلو – القانون الإدارى – ص 305 )
إذن طبيعة هذه الأجازة أنها حق للعامل معلق على شرط هو قيام السبب الطارئ الذى يجب أن يكون لدى قيامه تعذر التقدم بطلب أى نوع من أنواع الأجازات الأخرى كالإعتيادية أو المرضية .. ويقابل حق العامل فى تلك الأجازة حق الجهة الإدرية فى المنح من عدمه وهذا يؤدى إلى أنه يكون للجهة الإدارية التى يتبعها الموظف سلطة تقديرية ؛ فقد تقتنع بها وتقبل وقد لاتقبل وهذا يتوقف على اقتناع الإدارة بالسبب الطارئ .. وتعتبر موافقة الإدارة عليها بمثابة اقتناع بالسبب الطارئ ، وهى فى قناعتها تلك لامعقب عليها فى ذلك ولا تثريب عليها إذا لم تقتنع بالظرف الطارئ ويعتبر العامل فى هذه الحالة منقطعا عن العمل بدون عذر ويعاقب إداريا على ذلك ..
ومدة الأجازة الطارئة ( العارضة) سبعة أيام فى السنة فى كل مرة يوما واحدا أو يومين من أيام العمل حسب مااستقر عليه العرف إلا إذا قدرت جهة الإدارة أن ظروف الموظف الطارئة كانت تحتاج إلى أكثر من يومين حسب إقتناعها بشدة الظرف الطارئ وظروف العامل التى تحتاج إلى أكثر من يومين ..
كما أنه يجوز الحصول على الأجازة العارضة ( السبعة أيام ) واستهلاكها فى خلال شهر واحد طالما توافرت شروطها إلا إذا حددت السلطة المختصة غير ذلك ؛ وذلك من إطلاقاتها لعدم تضمن القانون تحديدا لعدد الأيام المناسبة للعذر فى كل مرة ..
وغني عن البيان أن تنظيم هذه الأجازة يكون منوطا بالسلطة التنفيذية ، فيجوز للجهات الإدارية إتخاذ بعض الإجراءات بقصد فرض الرقابة على الأجازات العارضة منعا للتلاعب وضمانا لحسن سير العمل حتى لايكون الغياب المفاجئ سببا لتعطل العمل ..
ويتضح من طلب المشرع ضرورة إخضاع الأسباب الطارئة لغياب العامل لتقدير الرئيس المباشر الذى يملك كامل السلطة فى قبول الأسباب أو عدم الاقتناع بها أن الأجازة العارضة على خلاف الأجازة الدورية السنوية ( الإعتيادية ) لاتعد حقا مكتسبا للموظف فقد تنقضى فترة زمنية طويلة دون أن ينتفع بها وهذا إما أن يكون راجعا لعدم قدرة الموظف على تقديم أسباب مقنعة لغيابه أو لعدم تعرضه لظروف طارئة أدت إلى عدم تمكنه من الذهاب لعمله .. إذن السمة الأساسية للأجازة العارضة أن الموظف يقوم بها أولا ثم يرخص له بها بعد الرجوع منها …
وتأكيدا على حق السلطة المختصة فى تنظيم الإستفادة من الأجازة العارضة وكذا حق الجهة الإدارية ( الئيس المباشر ) فى الاقتناع بالسبب العارض أو عدم اقتناعه وبالتالى حقه فى قبول الأجازة من عدمه – دون تعسف فى استعمال هذا الحق – فقد استقرت المبادئ والأحكام منذ زمن طويل على مايلى :
أفتت إدارة الفتوى والتشريع للجهازين المركزيين للمحاسبات والتنظيم والإدارة بمجلس الدولة بالآتى : “إن إتخاذ بعض الجهات الإدارية إجراءات بقصد فرض الرقابة على الأجازات العارضة منعا للتلاعب وضمانا لحسن سير العمل-جائز”
(فتوى رقم 4788 فى 1/8/1965 ملف 8-1/154)
” يجوز حساب يوم غياب العامل بعد أجازة دورية جاء فى نهايتها يوم جمعة أجازة عارضة حسبما تقرر الجهة الإدارية فى ضوء الأعذار التى يقدمها العامل ، كما يجوز منح أجازة عارضة عن يومي غياب هى أول يوم عمل قبل بدء أجازة عيد وفى أول يوم عمل بعد هذه الأجازة حسبما تقدر جهة الإدارة فى ضوء الأعذار المقدمة من العامل كذلك – أساس ذلك أن الأجازة العارضة شرعت فى حالة قيام سبب للعامل لايستطيع معه إبلاغ رؤسائه مقدما للترخيص له فى الغياب – ومن ثم وضع المشرع قيودا معينة للإفادة منها حتى لايساء استعمالها فتتخذ وسيلة للانقطاع عن العمل فى غير الحالة التى تقررت من أجلها ، ومن بين هذه القيود ألا تتصل الأجازة العارضة بأجازة مالم يوافق رئيس المصلحة على ذلك ” ( فتوى- ملف رقم 8-1/ 863 سجل رقم 1049 لسنة 1970 )
كما أفتت أيضا بأنه : ” يجوز بموافقة رئيس المصلحة إتصال الأجازة العارضة بأى نوع آخر من الأجازات سواء كان هذا الاتصال سابقا عليها أو لاحقا لها ” ( فتوى رقم 4874 ملف رقم 8 – 1/ 251 )
وأفتت أيضا إدارة الفتوى سالفة الذكر بأن : هذه الأجازة تعتبر حقا للعامل رهينا بنشوء السبب العارض لديه الذى يضطره للغيباب قبل أن يحصل مقدما على ترخيص بها، ومن ثم فإن حق العامل فى الأجازة العارضة ليس حقا مطلقا يستعمله كلما وكيفما شاء ، بل هو حق مقيد بحدود وتوافر مقتضياته ، لذلك فإن جهة الإدارة وهى المسئولة عن حسن سير المرافق إذا ماتراءى لها أنه أساء إستعماله على وجه يتنافى والصالح العام كان لها أن تعتبره متغيبا بدون إذن وتقرر حرمانه من مرتبه ، لأن حق الموظف فى الغياب العارض يقابله حق الإدارة فى أن تراقب استعمال العامل لهذا الحق “( فتوى رقم 428 ملف 8- 1/ 73 ).
ومن أحكام ومبادئ المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن ما قضت به فى الطعن 1371 لسنة 7 ق “لايجوز لأى موظف أن ينقطع عن عمله إلا لمدة معينة فى الحدود المسموح بها لمنح الأجازات …وقد قسم الأجازات إلى ثلاثة أنواع عارضة واعتيادية ومرضية … ثم عرف الأجازة العارضة بأنها” هى التى تكون لسبب طارئ لايستطيع الموظف معه إبلاغ رؤسائه مقدما للترخيص له فى الغياب …. ولا يصح أن يجاوز مجموع هذه الأجازات العارضة سبعة أيام طوال السنة، ولا تكون الأجازة العارضه لأكثر من يومين فى المرة الواحدة …..” وبذات الطعن قررت المحكمة أن : السبب الطارئ هو السب الذى لم يكن للموظف أن يتنبأ بوقوعه سلفا ويضطر معه إلى الانقطاع عن العمل ويكون من شأن طروء هذا السبب أن يتعذر على الموظف الحصول على إذن سابق بالغياب .. فإذا كان الموظف قد قام به سبب رأى أنه سوف يلجئه إلى التغيب وكان لديه فسحة من الوقت يستطيع معه الحصول على إذن سابق بالغياب فإنه لايمكن إعتبار غيابه دون إذن فى هذه الحالة أجازة عارضة ، بل إن لجهة الإدارة أن تعتبر هذا الغياب إنقطاعا عن العمل بدون إذن بما يعد – على ماجرى به قضاء هذه المحكمة – إخلالا منه بواجبات وظيفته مبررا لمساءلته تأديبيا .. ” وبمثل ذلك الحكم جرت أحكام الإدارية العليا …
وقد انتهت المحكمة الإدارية فى أحد أحكامها إلى أنه : إذا منح الموظف أجازة عارضة ثم تغيب بعد انتهائها بدون إذن بزعم أنه كان مريضا فلا تثريب على الإدارة فى عدم قبولها لهذا العذر وخصم مرتبه عن مدة غيابه الأخيرة .. حيث جاء فى ذلك الحكم : ” إذا كان الثابت أن المدعى قد منح أجازة عارضة يوم الخميس الموافق يوم 31 من ديسمبر بناء على طلب سابق منه ثم تغيب عن عمله يوم السبت 2 من يناير دون إخطار أو اعتذار عن عدم إمكانه أداء عمله فى ذلك اليوم طبقا لما تقضى به التعليمات ، ولما عاد فى اليوم التالى تعلل بانه كان مريضا يوم 2 يناير ولم يتيسر له الاتصال بالمدرسة ليخطرها بمرضه، فلم تقبل منه المنطقة التعليمية هذا العذر واعتبرته غيابا بدون عذر وقررت خصم مرتب هذا اليوم من ماهيته ؛ فلا تثريب على الإدارة فيما فعلت .. ”
وفى حكم آخر قضت أيضا : ” حق الموظف فى الأجازة العارضة ليس حقا مطلقا بل هو حق يخضع فى وجوده أو عدمه لتقدير الإدارة لقيام السبب المسوغ لها المنصوص عليه فى المادة المشار إليها أو عدم قيامه ، فإذا ماقدر الرئيس المسئول فى ضوء إعتياد الموظف عدم احترام الموظف لمواعيد العمل والانقطاع عنه بدون مبرر كما هو الشأن بالنسبة للمدعى وأن طلب الأجازة العارضة لم يكن لسبب طارئ وهو المسوغ لمنحها وإنما كان ذلك لستر انقطاع عن العمل بغير مبرر منه فإنه لا لوم على الإدارة إن هى رفضت الموافقة على مثل هذا الطلب واعتبرت التغيب انقطاعا عن العمل يستوجب الحرمان من المرتب ”
( الطعن رقم 626 لسنة 11 ق – مجوعة المكتب الفنى رقم 15 صفحة 108)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى